Thursday, July 25, 2013

وهم كبير إسمه "كارثية حكم العسكر"‎




فى حياة المصريين الكثير من المسلمات التى لا تقبل النقاش رغم أن الكثير منها غير مبنى على أى أساس علمى أو موضوعى. من هذه
المسلمات - وإن شئت فسمها الاكذوبات -  هى مسلمة أو اكذوبة "حتمية كارثية حكم العسكر", ربما لعبت تجربة مصر فى الستين عاماً الماضية و خاصة هزيمة 76 و توحش الأجهزة الأمنية دوراً كبيراً فى هذا الصدد. لكن بتحليل موضوعى لحكم العكسر فى مصر وفى بلاد العالم نجد أن العبرة ليست فى كون الحكم ديمقراطياً أو عسكرياً ولكن العبرة هى فى الرؤية والإرادة و الوطنية و التخطيط السليم. فكم من حكم عسكرى قاد بلاده إلى العلا (كوريا الجنوبية وتايوان مجرد أمثلة حديثة) و كم من حكم ديمقراطى أضاع البلاد و خربها 
اليونان مثال حى أمامنا
حتى حكم العسكر فى مصر لم يكن بهذا السوء الذى تصوره آله الإعلام القاتلة التى تريد تشويه كل شىء جميل فى هذا البلد. إلم يكن محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة و مصدر فخر المصريين جميعاً عسكرياً وكان له ملك مصر و الإنهار تجرى من تحته؟ ألم تتبؤ مصر مكانة عليا بين دول العالم النامى فى الخمسينات و الستينات و هى تحت حكم العسكر؟ إلم تبنى مصر أحد أكبر سدود المياة فى العالم - إن لم يكن أكبرها - تحت حكم العسكر؟ إلم يعطى فقراء المصريين الحق فى التعليم و منحوا أراض يعيشون منها بسبب الإصلاح الزراعى تحت حكم العسكر؟ إلم تدخل مصر عصر الصناعات الثقيلة - حديد والمونيوم واسمنت وبتروكيماويات وغيرها - تحت حكم العسكر؟ إلم تعرف مصر معنى مفاعل نووى تحت حكم العسكر؟ 

طبعاً حدثت تجاوزات و أخطاء قاتلة و لكن هذا لا يعنى أن ننسى كل الحسنات و نذكر فقط السيئات. 

عام 1961 كانت كوريا الجنوبية أفقر من غانا و كانت دولة بدائية لا يوجد فى بيوت سكان عاصمتها حمامات داخلية وكان متوسط دخل الفرد فيها لايزيد على 60 دولار فى السنة!!!. وقع أنقلاب عسكرى بقيادة الجنرال بارك فى ذات السنة. الجنرال بارك كان رجل ذو رؤية لتحديث كوريا وجعلها فى مصاف الدول الغنية و التخلص من عقدة النقص المرتبطة بالإحتلال اليابانى للبلد خلال الحرب العالمية الثانية. عمل الرجل بكل قوة و بتعاون شديد مع القطاع الخاص و رجال الأعمال الوطنيين و سخر الجهاز الإدارى للدولة لخدمة هذا الهدف. اليوم و بعد 50 سنة من سيطرة الحكم العسكرى على كوريا أصبحت أحد أكبر إقتصاديات العالم (صاحبة الرقم 12 و عدد سكانها فقط 49 مليون نسمة) و منافس شرس لكبريات الشركات العالمية خاصة فى مجال بناء السفن (40% من  إنتاج العالم) والسيارات (كيا و هيونداى و غيرها) و الهواتف النقالة (سامسونج) و الحديد و الصلب والبتروكيماويات وغيرها من الصناعات عالية التقنية. 

والمؤسسة العسكرية هى أحد أكبر مصانع الزعماء و القادة فى كل بلاد العالم. فى الولايات المتحدة على سبيل المثال جاء 31 رئيساً من ال44 الذين حكموها من خلفيات عسكرية. أفراد الأسرة المالكة البريطانية - ورغم أنهم لا يحكمون - لابد أن يحصلوا على تدريب عسكرى رفيع. فالجيوش تصنع الإلتزام و تحى الوطن فى النفوس

ما يقال على كوريا الجنوبية يقال على تايوان و يقال حتى على دول يظن البعض أنها غنية لانها الآن ديمقراطية و هم لا يدرون أن هذه الديمقراطية هى لاحقة على التنمية و التقدم. هل يتخيل القارىء أن بلد مثل المانيا دخلت عصر الثورة الصناعية و تتطورت تحت حكم عسكرى صارم؟! و هل تقدمت الصين اليوم تحت حكم ديمقراطى؟ و هل انتجت باكستان قنبلتها النووية إلا بقرار من حكم العسكر؟ مع 
العلم أن كلا حكم العسكر و حكم الديمقراطية فشلا فى تنمية باكستان فشلاً ذريعاً. 


إذن العبرة ليست بكون الحكم ديمقراطياً ولا عسكرياً, و إنما بمدى إمتلاك الحكم للإرادة و الرغبة و المعرفة لعمل شىء إبداعى مختلف يخرج البلاد إلى طريق التقدم و التمنية.

No comments: